يعدّ العلاج التحوّلي السريع (Rapid Transformational Therapy – RTT) نهجاً علاجياً هجيناً، يجمع بين التنويم المغناطيسي، والعلاج السلوكي المعرّفي (CBT)، والبرمجة اللّغوية العصبية (NLP)، ممّا يوفّر نتائج سريعة وفعّالة لمجموعة واسعة من الحالات النفسية والمشاكل الجسدية.
يهدف العلاج التحوّلي السريع إلى تقديم حلول سريعة ومستدامة، والحصول على تغييرات جوهرية في وقت قصير، قد يتطلّب ذلك جلسة واحدة أو عدداً محدوداً من الجلسات.
التاريخ والأصول
طوّرت المعالجة الانكليزية ماريسا بير العلاج التحوّلي السريع في انكلترا، وكان هدفها منه تقديم علاج سريع وفعاّل، في هذا الزمن، الذي يعاني فيه غالبية الناس من ضيق الوقت، ولا يلجؤون إلى المساعدة النفسية إلاّ عند شعور كبير بالألم، لذا يبحثون عن نتائج سريعة بوقتٍ قصير.
المبادئ الأساسية
تبدأ جلسة العلاج التّحوّليّ السّريع بتحديد جذورالمشكلة التي يُعاني منها متلقي العلاج. يستخدم المعالج التّنويم المغناطيسيّ لإدخال متلقّي العلاج في حالة استرخاءٍ عميقة، بهدف إرجاعه إلى بعض الذّكريات والمُعتقدات المتعلقة بالمشكلة التي يعاني منها. بمجرّد تحديد السّبب الجذريّ للمشكلة، يعمل المعالج مع متلقّي العلاج على تحليل تأثير هذه المُعتقدات اللاواعية في حياته، وإدراك جذور التحدّيات التي يواجهها. يستخدم المعالج تقنيّات العلاج التّحوّليّ السّريع لإعادة تأطير هذه المُعتقدات السلبية واستبدالها بأخرى إيجابيّة وداعمة، ممّا يُساعد متلقي العلاج على رؤية الأمور بمنظورٍ جديدٍ يعزّز ثقته بذاته.
يتمّ ترسيخ المُعتقدات الإيجابيّة الجديدة في المرحلة الأخيرة من العلاج، من خلال تقدّيم المعالج اقتراحات إيجابيّة تحلّ محلّ المُعتقدات القديمة المقيِّدة. ولضمان استدامة هذا التّغييرعلى مستوى العقل الباطل، يُسجّل المعالج في نهاية الجلسة تسجيلاً صوتيّاً شخصيّاً يحمل هذه المقترحات الإيجابية. يستمع العميل لتسجيله الشخصي يوميًّا لمدة واحدٍ وعشرين يومًا على الأقلّ. الهدف من تكرار الإستماع الى التسجيل إنشاء مسارات عصبيّة جديدة تحقّق التّغيير المستدام.
كيف تُفسَّر فعالية العلاج التحولي السريع علمياً؟
كون هذا العلّاج قائم على التنويم المغناطيسي، والبرمجة اللغوية العصبية والعلاج المعرفي السلوكي، فهو يعمل على الشكل التالي:
يعزّز التّنويم المغناطيسيّ المرونة العصبيّة Neuroplasticity، فلقد أظهر بحثٌ نُشر في مجلة Cerebral Cortex أنّ التّنويم المغناطيسيّ يُحفّز استجابة الدماغ للمعلومات الجديدة، ممّا يُسهّل على متلقي العلاج أن يتبنى مُعتقداتٍ وسلوكياتٍ جديدة أثناء الجلسة.
من جهة أخرى تساهم البرمجة اللّغويّة العصبيّة في دعم هذا التّغيير، حيث نُشرت دراسة في Journal of Counseling Psychology أظهرت أنّ تقنيات البرمجة اللغوية العصبية، تُساعد بفعاليّة في تقليل أعراض القلق والاكتئاب من خلال تغيير أنماط التفكير السّلبيّة. كما أكّدت أنّ تركيز البرمجة اللّغوية العصبّية على اللّغة والسّلوك يجعله أداةً قويّةً في إعادة الهيكلة المعرفيّة، وهو عنصر أساسيّ في العلاج التحوّلي السريع.
إضافة إلى فعالية العلاج السّلوكيّ المعرفيّ في علاج مجموعة واسعة من الاضطرابات النّفسيّة، استُعرض تحليلٌ شامل نُشر في مجلة Psychological Medicine أكثر من 100 دراسة، وأظهر أنّ العلاج السّلوكيّ المعرفيّ يؤدّي إلى تحسّن كبيرومستدام في حالات مثل القلق، الاكتئاب، واضطراب ما بعد الصّدمة (PTSD) .
إن دمج العلّاج التحولي السريع لهذه التقنيات الثلاث، يؤدي الى علاج قويّ ومُثبت علميًّا، ممّا يُعزّز فعاليّته كنهجٍ مُبتكرٍ لتحقيق تغييراتٍ دائمةٍ في العقل والسّلوك.
التطبيقات والفوائد
للعلاجُ التّحوّليّ السّريع فعالية في الصّحة النّفسيّة، والتّطوير الذّاتيّ، والمشكلات الجسديّة، حيث يُوفّر حلولًا فعّالةً لمجموعةٍ متنوّعةٍ من التحدّيات، أهمّها:
- الإدمان بمختلف أنواعه (الكحول، التّدخين، وتعاطي المُخدّرات).
- الرّهاب، نوبات الهلع، القلق، التّوتّر، واضطراب القلق العام.
- اضطرابات المزاج، الاكتئاب، واضطراب الوسواس القهريّ (OCD).
- المشكلات الجنسيّة، والسّلوك القهريّ مثل قضم الأظافر والقِمار.
- تحسين تقدير الذّات والثّقة بالنّفس، وتعزيز التّحفيز، والتقليل من المُماطلة.
- علاج الأرق واضطرابات النّوم، وتحسين جودة العلاقات الشّخصيّة.
- تحسين مهارات المُقابلات الشّخصيّة.
- التّحدّث أمام الجمهور.
- الاستعداد للامتحانات.
- تعزيز القُدرة على تحقيق الأهداف والطّموحات
- التّخفيف من الألم المُزمن والصّداع النّصفيّ.
- علاج مشكلات الجلد والشّعر.
- علاج اضطرابات الحركة، ممّا يُساعد الجسم على استعادة توازنه الطّبيعيّ.
- تحسين الأداء الرّياضيّ.
- تعزيز القُدرة على التّذكّر.
- تحديد الغاية من الحياة.
- التّعامل مع مشاكل الطّفولة وتأثيراتها على الفرد في المراحل العُمريّة اللاحقة.
يمكن قراءة بعض قصص النجاح هنا كما يمكن مشاهدة جلسة لماريسا بير، مع أنجي التي تعاني من شلل دماغي، حيث جرت الجلسة بوجود طبيب قام بفحص أنجي قبل وبعد الجلسة ولاحظ وجود تحسن كبير هنا .
القيود والانتقادات
يعتمد العلاج التّحوّليّ السّريع في عمليّاته تقنيّة الاسترجاع (Regression)، وهي تقنيّة غير مناسبة للأشخاص الذين تمّ تشخيصهم بالفُصام أو غيره من الاضطرابات الذّهانيّة، بالإضافة إلى مرضى الصَّرع أو من يُعانون من حالات قد تُؤدّي إلى التّفكّك (Dissociation). لذا، يُنصَح الأفراد الذين يُعانون من هذه الحالات إستشارة طبيب نفسي قبل الخضوع لهذا العلاج لضمان مدى ملاءمته وأمانه.
تعرّض العلاج التحوّلي السريع لبعض الإنتقادات من بعض الدارسين، منها عدم الموافقة مع ماريسا بير على أن تقنيتها تعدّ علاجاً قائماً بذاته، كما أن البعض يعتبر أن قصص النجاح التي ينشرها متلقي العلاج غير كافية، وأنه يجب إثبات فعاليتها بشكل علمي من خلال دراسة بينات وعرض النتائج بالأرقام.
كيفية الوصول إلى معالج
يمكن لأي مهتم بالحصول على جلسات علاج التحوّلي السريع أن يقوم بزيارة هذا الموقع حيث يمكن تحديدِ المُعالِجِ المُناسبِ بناءً على نوعِ المشكلة، الموقعِ الجُغرافيِّ، اللغة، نوع الجلساتِ سواء شّخصيّة أو عبرَ الإنترنت. يخضعُ الراغب في الحصول على جلسة لتقييمٍ دقيقٍ يشملُ مُكالمةً استكشافيّةً لفهمِ احتياجاتِه، يليها مُراجعةَ استمارةِ التّقييمِ الأوّليّ التي تتضمّنُ معلومات طّبيّةَ، واجتماعيّةَ، ونّفسيّةَ. يُساعدُ هذا التّقييمُ الأوّليُّ المُعالِجَ على التّأكّدِ من استعدادِ العميلِ وجاهزيّتِه لتحقيقِ التّغييرِ المطلوبِ، ولا يتمُّ قبولُهُ في العلاجِ إلّا بعدَ استيفاءِ جميعِ المعاييرِ الأساسيّةِ.
عن كاتبة المقال
كتبت المقالة من قبل د. سمر زيادة معالجة معتمدة بالعلاج التحولي السريع.
لقد جذبني عالم اللاوعي منذ دراستي مادة علم النفس في الصف الثانوي الثاني. إنّ احترافي الفن وحصولي على دكتوراه في الفن وعلوم الفن لم يبعداني عن شغفي لاكتشاف اللاوعي الانساني، بل رحت أغوص أكثر في الجانب الإبداعي الذي يحركه اللاوعي إنّ استيقاظ بعض صدمات الطفولة لدي دفع بي لفهم اللاوعي من الجانب العلاجي، فدرست العلاج التحولي السريع وأصبحت معالجة معتمدة فيه ومعالجة بالتنويم الايحائي العلاجي إنّ فهمي المعمّق للعقل الإنساني واللاوعي انعكسا في أعمالي الفنية التي تحمل رسائل موجهة للمتلقي، حيث تحفّزه على كسر أنماطه العقلية التي ما عادت تفيده وعلى التواصل مع ذاته
الأصلية.