ولدت في دمشق في أسرة كردية تحدث والدي مع عمي وعمتي وجدتي باللغة الكردية غير أننا كأطفال ذهبنا إلى المدارس العربية وتم تعريبنا بالكامل ونسينا ما تعلمناه من أجدادنا واباءنا , إلا أن اسمي الكردي كان يميزني جداً حينما يسألوني عن معناه كنت أشعر بالثقة وبالانتماء إلى كرديتي كونه كان يعجب المعلمات وبمعناه كأنه يعني ضوء الفجر،وبقيت الألحان الكردية ترن عزبة في ضمائرنا وتربطنا في شيء لا أدري ما هو إلى ان أكملت دراستي في المدارس العربية وتعلقت جداً في اللغة العربية الرائعة.
وفي الجامعة اخترت أن أدرس الأدب الإنجليزي وابتعدت شوطاً جديداً عن اللغة الكردية الأم. وبقيت في الذاكرة ولكنني لا أعرفها ولم أتعلمها.
في المرحلة التالية من حياتي ذهبت أنا وزوجي إلى الخليج مع أولادي. واختبرنا حياة جديدة والثقافة جديدة وشعرنا بالأمان المالي. وبقينا نزور سوريا في الصيف. وعندما اشتعلت الأحداث في سوريا وجدت نفسي مصنفة فورياً مع الثورة.لأنني درست في الجامعة ، واطلعت على الأدب العالمي، واطلعت على حقوق الإنسان، واطلعت على السياسات العالمية الجديدة التي تؤيد الفردية وتحمي الإنسان وتحمي كرامته وتصونها وغيرها من حقوق الانسان ،
وجدت نفسي ضد الدكتاتورية حتى لو كانت علمانية، فنظام البعث كان نظام اقصاءي للكرد، وكنا مهمشين، فالكرد ليسوا موجودين بالجيش ولا في الأماكن الوزارية الحساسة، ومعظمهم كان يعمل في المطاعم، كنت أشعر بالحزن وهذا ما صنفني فورا مع الثورة ضد الأسد،
ولكن الروح التعصب الموجودة في الثورة جعلتنا في حيرة من أمرنا فإننا لا نريد النظام ولا نريده أيضا ثورة الذين لن يجلبون التغيير وهدفهم استلام السلطة. اتمنى ان لا يتم ربط الدين بالسياسة وهذا ما سيؤدي الى اقصاء بقية فئات الشعب
أجد نفسي أنني، وأنا في ألمانيا الآن، وهي الهجرة الثالثة، أنني أعيش مستقرة هنا، وأرى كم سوريا في تخلّف، وكم هي بعيدة عن القيام الحضاري الجديد، وأنهم لا زالوا يقتلون الطائفيا، ويرفضون الآخر، ولا يعرفون ما هي سوريا، ولا قيمة سوريا، ولا عظمة سوريا، أنهم حولوها لجحيم لا يطاق، أسفي على سوريا، سأربي أولادي على حبها عن بعد، كما حبينا ثقافتنا الكردية عن بعد، ودخلنا في ثقافات أخرى، وتعلمنا كيف نندمج ونتقبل الآخر، ونحترم الثقافات الأخرى والأديان الأخرى، واندمجنا بهم و تزوج أولادي من ثقافات ثانية، وأنا فخورة في ذلك، ولسوريا نترك أمرها لله.